كان الناس يظنون أن طوفان الأقصى معركة حدود، وأن الدماء نزفت لتحرير أرض تحت سماء ضيقة...
ولكن الحقيقة: أن تلك الدماء حرّرت الوعي قبل الأرض، وزلزلت الأساسات قبل الجدران.
أمريكا… التي كانت حضنا وملجأ للكيان... كانت ظله وسيفه... أغلق التاريخ فجأة الكتاب القديم وفتح صفحة أخرى: فإذا الشارع هناك لا يشبه الشارع الذي عرفوه... وإذا الناس يرون الصورة بعيون جديدة، عيون غسلتها دموع غزة.
ترامب أوقف الحرب… نعم. لا لأن الضمير استيقظ، بل لأن الرأي العام تغيّر، والحسابات التي بُنيت على الأكاذيب تهدّمت.
ولكن… فات الأوان يا ترامب، لقد تغيّر العالم… والوعي لا يعود إلى الوراء.
الكيان تلقّى اليوم بانتخاب عمدة نيويورك المسلم المناصر لفلسطين ضربة في جذوره، في المكان الذي لا تراه الشاشات، ولا يكتب عنه المراسلون، ولا تتحدث عنه المؤتمرات... ضُرب في يقينه… في مكانه في العالم… في صورة نفسه.
إن الدم الذي سال في غزة لم يقل: نحرّر الأرض أولا. بل قال: نضرب الأساس الذي بُنوا عليه، ثم ينهار البناء كله…
تماما كما كانوا يضربون أساسات أبراج غزة، فينهار البرج حجرا حجرا.
اليوم سقط أساس من أساسات الكيان، وستتبعه أساسات أخرى في الانتخابات النصفية للكونغرس بعد أشهر.
وسينفقون…سيُنفقون كثيرا في الانتخابات، في الإعلام، في شراء الأصوات والضمائر،حتى لا تتكرّر الهزيمة… حتى لا يتكرّر الوعي.. حتى لا تتكرّر غزة…ثم يكون ما أنفقوه حسرة عليهم… ثم يُغلبون.
ومن أراد أن يرى أثر دماء الغزيين، فلا ينظر إلى حدود خريطة، بل ينظر إلى اتجاه التاريخ.
انظر إلى الوجوه المرتبكة، والتحالفات التي تتصدّع، والعواصم التي ترتجف من القادم الذي لا مفرّ منه..
هذا ليس خبرا عابرا… هذه بداية انقلاب الموازين في الأرض.
ووالله… ما نراه اليوم هو أول الغيث، وأما المطر…فلا يزال في السماء ينتظر أمرا من رب السماء.
وساعةُ أمره إذا جاءت… فلن يبقى للباطل جدار واحد يشدّه إلى الأرض... وسترونه يسقط ويتداعى، تماما كما أسقط تلك الأبراج...
من صفحة/ نور الدين مهري على الفيسبوك


