ساندتُ الرئيس بلا قيد أو شرط…لكن؟

اثنين, 29/11/2021 - 12:32

ساندته بلا قيد أو شرط -مع أنه لا يوجد قرار أصعب في مجال السياسة من المساندة اللا مشروطة- بعد انتخابه لحصافة مشروعه السياسي، وأهمية تعهداته، وقيمه الشخصية والأخلاقية.. أطلقت عليه لقب "مؤسس الجمهورية الثانية" ورجوت أن يتحمل عبء هذا اللقب ويتصرف على أساسه، فقد ورث دولة تحتاج إلى إعادة التأسيس في كل شيء.. لكنه اختار أن يكل الحكومة كل شيء ويضع تحتها كامل الصلاحيات، فلن تكن مع الأسف في معظم أعضائها وبرامجها وإنجازاتها على مستوى التطلعات، ولم تهتد إلى الطريق الأنجع لمواجهة التحديات الداخلية والعالمية، ولم تسر في طريق إعادة التأسيس.. 

نصحت وانتقدت ونبهت، وزرت وزراء في مكاتبهم وتحدثت معهم لكن أغلبهم كان في واد وكنت في واد.. كنت أريدهم أن يفهموا أنه آن الأوان لكي نطلق دولة مواطنة لا مكان فيها للقبائل والشرائح ودولة قانون لا مكان فيها لانعدام العدالة، ويفهموا أنه مبرر لهذا الفقر والغبن المتزايد في البلد إطلاقا بالنظر إلى حجم ثرواتنا، وأنه بإمكاننا بقليل من التخطيط والجهد أن نصبح كالإمارات أو الكويت أو قطر، وأنه من غير المعقول أن يكون هذا البلد الفقير مصنفا على أنه من أغلى الدول معيشة على مستوى العالم بسبب كثرة الضرائب المجحفة فيه مما جعلنا مرتعا لليد العاملة الإفريقية الرخيصة المنافسة للعمالة الوطنية التي تستطيع العمل بأجور لا تسد رمقها، ويفهموا أن الأسعار وإن كان لارتفاعها مبرر عالمي فلديهم الطرق الناجعة للسيطرة عليها بدءا بخفض المحروقات التي تؤثر أسعارها على جميع وسائط النقل وخفض الرسوم والضرائب الجمركية ودعم الأسعار عند المنبع، وتوفير احتياطيات استيراد تمنع نفاد أو تقطع الطلب، إلى غير ذلك من إجراءات كثيرة معروفة.. 

وبعد سنتين وقرب انقسام الثالثة كنت ما أزال أفكر فيما عساه ينبغي فعله لتحسين أداء هذه السلطة التي دعمت رئيسها وأحب لها النجاح الذي أعرف أنه ما لم تعلن دولة قانون ذات حكامة عصرية يقودها أشخاص أكفاء كفاءة حقيقية فلا أمل في الانطلاق بالبلد إلى عالم النمو والبناء، وما لم يحارب الفساد بجدية فلا أمل في القضاء على الفقر والغبن والتفاوت وسنظل كمن ينتج ليتقاسم بضعة أشخاص ثروات شعب بأكمله كما كان يحصل وما يزال منذ ثلاثين سنة…

واليوم يأتي فخامة الرئيس ليعلن أنه ملتزم بالوفاء بكامل تعهداته، وبإعلانه الحرب على الفساد، وإطلاق حوار سياسي لا يقصي أحدًا ولا يستثني موضوعا، باعثا أملا جديدا ننتظره بفارغ الصبر، ليس لأن مسار النصف الثاني من المأمورية متوقف عليه، بل وأكثر من ذلك لأن مستقبل أمة بأكمله مرتبط به…

لقد جرب فخامة الرئيس إسناد الصلاحيات المسؤولين فلم يكن أغلبهم أهلا لذلك ولم يقدر على البرهنة على تحليه بالكفاءة والإبداع، وقد آن الأوان له ليباشر الأمور بنفسه فسمعته ومكانته بين رؤساء البلد تعتمدان على ما سيقوم به…

من صفحة الاعلامي الحسين ولد محنض

       

بحث