ذكريات المختار ولد داداه حول انقلاب 78 وسجنه في ولاته

اثنين, 17/07/2023 - 13:52

سريراً من أسرة المعسكر وواقية من البعوض الذي يكثر في ولاتة خلال فصل الأمطار. وهو ما كان يسمح لي بقضاء الليل أمام «الغرفة» في العراء.

وفى 17 يوليو وصل الملازم الأول الشيخ ولد الجولي «... لمساعدة نظيره عثمان ولد كازه في توفير أفضل إقامة ممكنة لي...». وبقي حتى منتصف أغسطس. وقد قدم هذان الضابطان الشابان خلال هذه الفترة ما يستطيعان من أجل تلطيف قسوة الظروف في بداية إقامتي الولاتية التي صادفت حلول شهر رمضان. ولا أتذكر أنني تناولت وجبة العشاء في هذا الشهر بمفردي إلا نادراً. فقد كان أحد الملازمين أو كلاهما أو المساعد سيدي المختار ولد عبد الله يشاركونني وجبة الإفطار بعد يوم من الصيام.

ومنذ وصولي إلى ولاتة في 15 يوليو 1978 وحتى 2 من أكتوبر 1979، موعد رحيلي، كان أربعة جنود يقومون بخدمتي سواء في ولاتة أو في كيفه التي رافقوني إليها مدة إقامتي للعلاج فيها، شأنهم في ذلك شأن المساعد سيدي المختار الذي سأذكره قريباً.

إن أعضاء هذه «الزمرة» الأربعة الذين سميتهم «لجنة الاستقبال» هم:

- الطباخ عمر (عمرنا الوطني). متشدق طريف، وشخصية محببة جداًً، يدعي معرفة وممارسة زهاء عشر حرف مختلفة كاختلاف حفر الآبار وطهي الطعام. وقد كان لبدانته انعكاس على هيئته المهيبة التي تذكر بضابط صف مسن جيد التغذية من «الفرقة الاستعمارية». ويظهر دائماً بالزي العسكري، حيث القبعة والجزمة شتاءً وصيفاً. وهو مهذار يحدث بكل أنواع القصص غير المستحيلة التي يظهر فيها بمظهر البطل.

أما المرافق، أو معد الشاي تحديداً، المختار ولد سيدي فهو بدوي على الفطرة. وقد تحدثت وإياه كثيراًً عن الحياة البدوية مما جعلنى أستنتج أن العديد من الكلمات المستعملة في اللهجة الحسانية تتباين مدلولاتها بين منطقة الحوض ومنطقة القبلة. وعلى سبيل المثال فإن هناك أسماء أدوات ونباتات تعرف في الحوض بأسماء مجهولة في المنطقة الغربية من البلاد. وبناء على طلب المعني علمته بعض مبادئ الفرنسية. أما العربية فكان يقرأ بها ويكتب. وفي حدود منتصف 1979، ولأسباب أجهلها، تم إبداله بجندي شاب هو محمد ولد امادى الذي يظهر عليه الذكاء الحاد، ولكنه لم يبق في خدمتى أكثر من شهرين أو ثلاثة.

وفيما يتعلق بمعد الشاي دائما، فقد رفضت في بداية إقامتى اقتراحا قدمه الملازمان الأولان الشيخ وعثمان يقضى ببقاء هذا الشخص معى طيلة الوقت رغبة منهما في عدم تركى وحيدا. غير أن حرمانى من حريتى لا يسوغ في نظري إخضاع جندي شجاع وبريئ للمصير نفسه، ولذا ينبغي أن يكون حاضرا في «ساعات الخدمة» فقط.

- أما الغسال الذي لا يحضرنى اسمه، فكان مهذباً صموتا يقتصر حديثه على التحية الموجزة خلال إحضار الملابس بعد غسلها وحمل تلك المهيأة للغسل، وهو بحق يتقن حرفته.

- أما الحلاق سيدي فكان بدوره صموتا ولطيفا يتقن الحلاقة.

وبالإضافة إلى هؤلاء، كان بالقلعة جنديان كثيراًً ما يأتيان للسلام علي هما محمد (أمين المخزن)، وإبراهيم (صاحب جهاز الاتصال). كما أن أعضاء فريق التنظيف الثلاثة الذين يقومون بتنظيف «مسكنى» مرتين أو ثلاثا في الأسبوع، كانوا يمرون بانتظام للسلام علي بكل أدب، ولكنى لا أعرف أسماءهم.

وقد تعاقب على هذه القلعة، أثناء عطلتى القسرية في ولاتة، أربعة قواد جميعهم برتبة ملازم، وهم: عثمان ولد كازه، وعبد الله، ودياه آمادو عمر، وأسلمهم ولد الجيلاني. وخلال الفترة نفسها ظل المساعد سيدي المختار ولد عبد الله ولد ابنيجاره مقيما بهذه القلعة. وقد كان من أوائل الجنود في الجيش الوطني، إذ بدأ بأعوان الحرس الوطني (قوم الوطن)، ليصبح فيما بعد أحد عناصر فرقة الجمالة، ثم ضابط صف مُكوِّناً في عدة حاميات بالبلد. إنه نموذج صادق لضابط الصف. فهو مستبد ولكنه قريب من رجاله. وقد برهن على شجاعته ومبادرته أثناء الهجوم على مركز ولاتة العسكري الذي كان يتولى قيادته آنذاك، ذلك الهجوم الذي أشرت إليه من قبل.

لقد كان بوسع سيدي المختار أن يصبح ضابط صف جيداً، ولكن الحظ لم يحالفه على ما يبدو لأن مستواه الثقافي لا يسمح بارتقائه إلى تلك المكانة. ورغم ما يطبع شخصيته من تحفظ يصل حد الخجل، فإن لديه روح النكتة ويملك حسا بدويا مرهفا. وقد كاد يكون جليسا ملازما لى. كما زارنى عدة مرات الملازمان الشابان محمد ولد الزناقي والدياه ولد الداه، كل على حدة، وهما يتوليان قيادة السرية المرابطة قرب ولاته. أما على مستوى المنطقة العسكرية الخامسة بالنعمة التي تتبع لها ولاتة، فقد تعاقب على قيادتها ثلاثة نقباء، اثنان منهما خلف كل منهما الآخر. فقد حل محمد فال ولد المرابط محل محمد ولد لكحل في يوليو 1978، كما سبقت الإشارة إليه. ثم عاد ولد لكحل بدوره في إبريل 1979 ليحل محل ولد المرابط. أما النقيب الثالث إبراهيم فقد بقي بصورة دائمة في النعمة ليتولى دور المساعد لهذا أو ذاك. وكان أحد هؤلاء النقباء الثلاثة يقوم بزيارتى من حين لآخر.

وبعد وصولنا، بدأ فريق من الجنود العمل دون انقطاع حتى نهاية أغسطس لتهيئة المكان المخصص لإقامتى. وكان من بينه عمال وبناءون ونجارون. وبدأت الخطوة الأولى لعزل هذا المكان عن بقية الساحة الداخلية للقلعة الصغيرة ببناء جداًر ارتفاعه متران مزود بباب يفتح تارة ويغلق أخرى. وقد اتخذ المكان المخصص لى شكلا معينا قاعدته الصغرى ضيقة جداً، في حين كانت القلعة مثلثة الشكل. أما الخطوة الموالية، فهي إعداد شقة من أربع غرف بتحويل بعض الغرف القديمة الخربة إلى غرفة كبيرة للنوم مزودة بمرافق كاملة للنظافة والاستحمام ودورة مياه، ثم قاعة للأكل وأخرى للاستقبال. وقد أصبحت الشقة في النهاية كبيرة يمتد طولها على نحو عشرين متراً. أما أرضيتها المدعمة بالإسمنت، فغطيت ببساط ناعم، وهو ترف لم أحصل عليه في نواكشوط! فقد زودت غرفة النوم بسرير كبير ودولاب، واشتملت قاعة الأكل على طاولة وأربعة مقاعد.

أما قاعة الاستقبال فأثثت على الطريقة المغربية حيث حفت المراتب المكسوة بالقماش جدرانها من كل جهة وتوسطتها زربية كبيرة. وتم إكمال المسكن ببناء عريش (تهلي) في وسط ساحة الحيز المخصص لإقامتى زود بسرير من أسرة المعسكر. ويستخدم هذا العريش أثناء الفصل الحار الذي يستغرق أكثر من نصف السنة. وفي تلك الفترة يصعب السكنى داخل المنزل، وتزداد الحاجة إلى الاستحمام. وأتذكر أنني في صائفة 1979 كنت أنشغل لبعض الوقت بتقديم الشراب لطيور الدورى والحمام العطاش، ولسنجابين كانا يطوفان خلسة بهذا الحيز من حين لآخر. وفي سياق كهذا وديكور على نحو ما ذكر، يمكن التساؤل عن جدولى الزمني في الأيام العادية. ويتلخص هذا الجدول في الصلاة والتأمل والقراءة والاستماع إلى الإذاعة ثلاث مرات في اليوم وأحاديث شبه مطولة مع «المرافق» أو الطباخ أو معهما معا أثناء تقديم الوجبات.

وقد تفاديت منذ البداية أن أضيع الوقت في أمرين يصعب تفاديهما لمن يعيش وضعاً مشابها لحالتى. أولهما النوم الزائد عن الحاجة، والاستماع باستمرار إلى الإذاعة أو الأشرطة.

وبخصوص الإذاعة، فقد وفر لى الملازم عثمان جهازاً إذاعياً فور وصولى إلى ولاتة بناء على طلب منى. واقترح علي تلقائيا أشرطة من الموسيقى الموريتانية، ولكننى شكرته ورغبت عن العرض. وفي وقت لاحق تلقيت أشرطة من الموسيقى الكلاسيكية الغربية أرسلتها إلي مريم تشتمل على موسيقى باخ، وموزار، وبيتهوفن. ورغم حبى لهؤلاء الثلاثة فقد استطعت كبح جماح عواطفى الموسيقية ما دمت في العطلة الإجبارية. وفي المساءً كنت أزاول رياضة المشي بانتظام حيث أقوم بالدوراًن داخل حيز الإقامة عشرات المرات أثناء الفصل الحار. كما كنت أجوب الشقة جيئة وذهابا بين غرفة النوم وغرفة الاستقبال عشرات المرات خلال الفصل البارد. ويتعاقب الملوان ولا أشاهد من الأرض الموريتانية العزيزة سوى ساحة الحيز الذي أقيم داخله. أما صفحة السماء فأشاهد منها الجزء المقابل لسطح القلعة حيث تكون السماء في أغلب الليالى مرصعة بالنجوم المتلألئة، وفي بعض الأحيان تعبرها طائرات على ارتفاع عال يتجه بعضها شمالا والآخر جنوباً تختلط أضواؤها ببريق النجوم.

أما بالنسبة لقراءاتى، فقد قرأت أغلب الكتب التي اصطحبت معى إلى ولاتة، وأعارنى الملازم سيدي المختار من أحد أدباء ولاتة بعض الكتب العربية. وأتذكر على وجه الخصوص أن من بينها كتاباً لرحالة وجغرافي مغربي شهير من أهل القرن 14م هو ابن بطوطة يتحدث فيه عن رحلته عبر العالم، ويذكر مروره بولاتة ويعرب عن مفاجأته التي تصل حد الصدمة بما لاحظه من تحرر لدى المرأة الولاتية! وكان النقيب محمد فال قد سألنى يوم وصولى إلى ولاتة عن النشر الصحفي العربي والفرنسي الذي أرغب في الحصول عليه. وحددت له بعض الجرائد والمجلات مثل الشعب بنشرتيها العربية والفرنسية، والأهرام القاهرية، ولصولي Le Soleil، ولموند Le Monde، وجان آفريك Jeune Afrique ومجلة العربي الكويتية. وقد وصلت إلي بعض أعداد هذه النشرات باستثناء الأهرام والعربي، ولكن وصولها كان غير منتظم البتة. أما الإذاعات التي أستمع إليها بانتظام فهي إذاعة نواكشوط التي يصعب التقاطها أحياناً، وقلما تترك فرصة تمر دون مهاجمة «النظام المخلوع» بشدة إلى درجة أنها استحدثت برنامجاً خاصاً لا أتذكر عنوانه بالضبط، ولكنه يحوم حول «جرائم النظام البائد». وكان بعض قدماء المسؤولين السياسيين والإداريين الذين تمت مقابلتهم يتبارون في الاحتفاء بالنظام الجديد. إنهم يستحقون الشفقة أكثر من التأنيب.

وإنصافاً لهؤلاء، ينبغي التنبيه إلى أنهم ما كانوا ولن يكونوا أول ولا آخر كائن بشري يهدم ما بنى ويحرق ما كان يعبد. وهم في هذا السياق يذكروننى ببيت الشعر الشعبي السابق النابذ لسلوك سيدي. أما إذاعة فرنسا الدولية، فكنت استمع إلى برامجها الموجهة إلى إفريقيا فقط. وكانت تزودنى أكثر بما يستجد من أخبارى الخاصة وأخبار أسرتى وبلدى وإفريقيا. وبعبارة واحدة، فقد كانت مرافقة مخلصة في ولاته وكيفه. كما كنت أستمع غالباً إلى برامج إذاعة لندن العربية التي تتحدث بدورها عن أخبارى من حين لآخر وتبث باستمرار أخبار العالم العربي الإسلامي. كما تقدم أحياناً برامج ثقافية بالغة الأهمية. واستمع تارة إلى إذاعات باماكو ودكار والجزائر وطنجة. وعليه، فلم أكن مقطوعا عن ما يجرى في العالم من أحداث مقارنة بما يصلنى عما يدور في بلدى المقيم به. فالأخبار السياسية لهذا البلد لا تصلنى إلا عبر إذاعة فرنسا الدولية أو إذاعة لندن بدرجة أندر.

لقد تحدثت عن كيفه لأنني أقمت بها مرتين للعلاج، كانت أولاهما من 11 إلى 24 يناير 1979، أما الثانية، ففى الفترة من 5 مايو وحتى 7 من يونيو من السنة نفسها. وكانت الإقامتان بالمستشفى الذي بناه التعاون الصيني ويتولى تسييره. وقد فتح خصيصا لاستقبالى خلال تينك الإقامتين. وقد تلقيت العلاج الجيد من لدن الأطباء الصينيين.

وسأذكر في نهاية هذا الكتاب حديثاً دار بينى وبين الطبيب الرئيس لهذا الفريق يمكن القول إنه حديث سياسي. وسأعود إلى المرض الذي انتابنى. فقد صرعتنى حمى شديدة مباغتة يوم 20 أو 21 ديسمبر 1978 واكتشفت أنه لا يوجد طبيب في ولاتة وإنما ممرض أو وكيل صحة فني. وقد استنفر رئيس المركز العسكري النعمة ونواكشوط، فهرع قائد المنطقة العسكرية على الفور إلى ولاتة، وجاء الطبيب النقيب انجاي كان من نواكشوط يوم 23 أو 24 ديسمبر. وأكد تشخيصه، على ما أذكر، إصابتى بالتهاب رئوي حاد. وقد عالجنى بشكل جيد على مدى يومين أو ثلاثة. وترك أدوية وتعليمات مكتوبة مع الممرض، وعاد إلى نواكشوط ليقترح وينظم نقلى إلى العاصمة أو نواذيبو عند الاقتضاء. وبعد عودته، أشعرنى بأنني سأنقل إلى كيفه لأن المستشفى الصيني أصبح جاهزا وبه معدات جيدة. ورغم أن تشغيله لم يبدأ، فسيفتح خصيصا لاستقبالى من قبل الفريق الصيني الذي كان يعمل بمستوصف المدينة ريثما يفتح المستشفى. ويبدو أن عسكريى العاصمة قد اختاروا هذه الصيغة تفاديا لظهورى أمام الناس واختلاطي بهم. ومهما يكن، فإننى لا أعتقد أنني كنت سأحظى برعاية مادية وصحية أفضل مما تلقيت.

فالمستشفى جديد، والعاملون به أكفاء يكرسون جهودهم لى بمفردى! وعليه، فقد كان المقامان الذان أمضيتهما بهذا المستشفى أكثر متعة من مقامى في ولاتة مع أن الأمور نسبية. فقد كان الوسط أقل سجنا وتقشفا وعزلة مما عليه الحال في ولاتة، وإن ظلت عزلتى كما هي إذ اقتصرت اتصالاتى على رفاقى الولاتيين والأطباء الصينيين. فقد كنت أنظر من غرفتى أو من الشرفة لأرى كيفه حية يجوبها الناس والسيارات والحيوانات لأن الجداًر المحيط بالمستشفى لا يحجب الرؤية مثل نظيره في قلعة ولاته. وكنت أسمع أصوات المدينة حتى ساعة متأخرة من الليل. وللوصول إلى كيفه غادرت ولاته تحت جنح الليل متجها إلى النعمة على متن سيارة لاندروفير صحبة النقيبين انجاي كان ومحمد فال والمساعد سيدي المختار و«لجنة الاستقبال».

وبعد الوصول إلى النعمة استقلينا طائرة بيفالو Buffalo لتقلنا إلى كيفه، ولكن أحد محركيها تعطل وتطلب إصلاحه نحو ساعتين بقيت خلالهما داخل الطائرة في وضع نفسي غير مريح. لكن الأمور بخواتمها، فقد تم لحسن الحظ إصلاح المحرك وأقلعت الطائرة باتجاه كيفه. وفي المطار، كانت سيارات لاندروفير تنتظرنا، واتجه الموكب إلى المستشفى سالكا طريقا ملتويا لتفادى عبور المدينة. وفي المستشفى استقبلنا الفريق الطبي الصيني، وبدأت الفحوص الطبية في اليوم نفسه، وجرت في الغالب بحضور الدكتور كان. وقد عدت إلى ولاتة عبر وسائل النقل السابقة، وحسب خط السير المعاكس نفسه، وبرفقة المجموعة نفسها بعد أن شفيت من علتى وشعرت براحة أكثر. ولدى الوداع مع الطبيب الرئيس الصيني، طلب مني العودة في شهر إبريل أو مايو لإجراء فحوص مراقبة. وكان ذلك سبب مقامي الثاني في كيفه الذي سمح بالتخلص من «ضرس العقل» التي ظهرت متأخرة وسببت لى آلاما حادة. وما أشبه الليلة بالبارحة، فظروف السفر والمقام هي نفسها باستثناء تغيير واحد هو إبدال محمد فال ولد المرابط بالنقيب محمد ولد لكحل. وعلى مستوى آخر، جرى أول لقاء بينى وبين عضو من القيادة العسكرية الجديدة في البلاد يوم 13 أغسطس 1978، ويتعلق الأمر بالمقدم محمد خونه ولد هيداله رئيس الأركان الجديد.

وقد بدا مهذباًً للغاية، خجولاً أو مُرهَباً. وكان برفقته النقيب محمد فال. وبعد تبادل التحية المألوفة، صرح لى بما معناه: «لقد جئت مبعوثا من لدن اللجنة العسكرية ومن قبل رئيسها العقيد المصطفى للسلام عليكم ولتطلعونى على ظروف مقامكم، ولأطرح عليكم جملة من الأسئلة تتعلق ببعض المشكلات...». ثم أشار خفية إلى مرافقه بالانصراف. وعندما بقينا على انفراد، طلب منى باسم رئيسه توضيحات حول بعض الملفات المالية المتعلقة بطلبات قروض قدمت إلى الحكومات المغربية والعراقية والسعودية. وقد بينت له حالة تلك الملفات كما كانت في بداية يوليو. وسيخبرنى لاحقاً، دون أن أسأله، عن هذه الملفات إبان عودته إلي في فاتح سبتمبر رفقة أستاذى وصديقى المحامى بواسيى- باليه Boissier-Palun الذي كان أول مدني يزورنى. وقد أثلجت زيارته المفاجئة صدرى وأثرت في نفسى. فقد وصل صحبة المقدم...

ينبع أن شاء الله...

للاطلاع على تفاصيل الحلقة الماضية ، يرجى الضغط هنا

       

بحث