حدثنى ثقة عدل عن الكريم ابن دوحة الكرم الغنّاء عبدالله ولد الداه ولد عبدالفتاح أيامَ كانوا فى الدراسة فى فرنسا أنه كانت له شقة يستأجرها (وقليل من الطلاب من له شُقة ) فكان الطلاب الوافدون من أرض الوطن يؤمّون بيته بكثرة حتى تستقر أحوالهم ويدبّروا أمرهم ، فعرف عنه ذلك وشاع بينهم مما زاد أعداد الوافدين حتى ضاق البيت الصغير بساكنيه ، فكان يشترى لهم بطانيات كثيرة لبرودة الطقس ويجعل هو دوامه فى المساء ويبيت الليل كله ماشيا فى الشارع أمام البيت تاركا مكانه لغيره حتى الصباح حين يذهبوا أو يذهب بعضهم للدوام ليجد فرصته حينئذ للنوم !! يقول الراوى وقد شاهدته مرّة وقد أقبل أحد الطلاب الوافدين يطلب من زملائه قرض مبلغ حتى يعيده فأطرق الحاضرون فأخرج له هو بطاقته البنكية وأعطاه المعلومات الخاصة بها وقال خذ منها ما تريد ولا يحزنك أن يكون كلّ ما فيها ، يقول ولأول مرة وآخرَها تقع عينى على من يفعل هذا الفعل .. وكل اولئك الطلاب هم اليوم سادة البلد وعلية قومه ولا يكاد أحد منهم يتذكر من هذا شيئا ولا يعرف لصاحبه منّة !! فلله ما أجمل الكرم الأصيل والعفاف الجميل حتى يكون كرمك فى نسيان العطاء أشد وأرقى منه فى العطاء نفسه .. زد على هذا منه شدة التواضع ودوام البشر والابتسامة وتهلل الوجه للجميع وفى كل الظروف ، مع المكان المحجوز فى الصف الأول من المسجد و فى الخمس ،، هذا مع معرفة عميقة وواسعة بالناس ومراكزهم وإنزالهم منازلهم وشدة خفض الجناح والتودد وكرم الطبع مع الصغير والكبير والضعيف قبل القوي والغريب قبل القريب ، فى كثير من خصال الخير الحميدة التى لا يتسع المقام لسردها جميعا .. وإنما اردت التبشير بهذا النموذج الحي فى زماننا الذى تجهم وجهُه واكفهر وتشاءم به أهلُه لكي نعرف أنه لا يزال فى دنيا الناس نماذج خير ورجال كرم وسؤدد جبلوا على المكارم وضربت محاسن الشيم فى نفوسهم بعطن ، فكأن الله جعلهم حجة على اللئام من خلقه والمتعلّلين منه بتبدل الزمان وتغير الأحوال ، ومواساة وتثبيتا لأفئدة أهل الخير كي لا يستوحشوا من الزمان وأهله .. حفظ الله سيدنا البِشر وابن سادتنا الغرّ عبدالله ولد الداه ومتعه بالصحة والعافية أيامًا عديدة وأزمنة مديدة وجزاه عنا وعن الخير والفضل خير الجزاء ..
ليس الكريم الذى يعطى عطيّته @على الثناء وإن أغلى به الثمنَا ..
بل الكريمُ الذى يعطى عطيته @ لغير شيء سوى استحسانه الحسَنا ..
لا يستثيب ببذل العرف محمدةً @ ولا يمن إذا ما قلّد المننَا..
حتى لتحسب أن الله أجبره @ على السماح ولم يخلقه ممتحنَا ..
من صفحة الاستاذ/ المرتضى محمد اشفاق نقلا عن ممود ولد الشيخ


