حتمية الملاحقة القانونية الجنائية لبرامه في موريتانيا وأوروبا والعالم كله

لم يكن برامه بدعًا من التاريخ؛ فقد سبقته شخصيات صنعت لنفسها أمجادًا زائفة على جراح شعوبها، ثم انتهت إلى مزابل التاريخ أو إلى محاكم الجرائم الدولية.

 من هتلر الذي أشعل نار الكراهية العرقية في ألمانيا، إلى قادة الإبادة في رواندا الذين بثوا خطاب الكراهية عبر إذاعة "ميل كولين"، وصولًا إلى مجرمي الحرب في البلقان الذين غذّوا نار الصراع العرقي في صربيا والبوسنة.

واليوم يكرر برامه ذات الوصفة ، بسذاجة وخور وتخبط ،  خطاب تحريضي على الكراهية والعنف الأهلي، يزعم الدفاع عن الضحايا بينما يحرض على صناعة ضحايا جدد.

العالم الحديث لم يعد يتسامح مع مثل هذا العبث.

والموريتانيون ملوا تفاهات وترهات برامه .

أولًا: الإطار القانوني الموريتاني

في موريتانيا، لا مجال للتأويل؛ فالدستور يحظر التمييز ويؤكد المساواة بين المواطنين.

 كما صدر القانون رقم 2017-023 المتعلق بتجريم التمييز الذي ينص بوضوح على : 

المادة 10: "يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة من 50.000 إلى 200.000 أوقية، كل من قام بالتحريض على الكراهية أو العنف بين الأشخاص أو الجماعات على أساس العرق أو اللون أو الأصل الوطني أو العرقي أو الدين."

المادة 11: "يعاقب بنفس العقوبات كل من يبرر أو يشجع أو يمجد الممارسات العنصرية أو التمييزية."

إذن خطاب برامه ومنظمته "إيرا" وكذلك حركة افلام ،  ليس نشاطًا حقوقيًا، بل جريمة مكتملة الأركان بموجب القانون الموريتاني.

كما أن الدولة تملك قانونيًا حق سحب ترخيص أي جمعية تنحرف عن أهدافها المشروعة، وبالتالي فإن وجود "إيرا" خارج مظلة  القانون أمر مشروع وواجب وأولوية للأمننا القومي ، فترخيص إيرا لم يكن إلا عامل توتير للساحة الوطنية ، ولمزيد من بث الأكاذيب عن الوطن وأهله في أوروبا والعالم.

ثانيًا: أوروبا (فرنسا – بلجيكا وألمانيا)

فرنسا: المادة L.212-1 من قانون الأمن الداخلي تتيح حلّ أي جمعية "تحرض على التمييز أو الكراهية أو العنف على أساس الأصل أو الدين". كما أن المادة 24 من قانون الصحافة 1881 تجرّم التحريض على الكراهية العرقية والدينية بعقوبة السجن والغرامة.

بلجيكا: قانون 30 يوليو 1981 المعروف بـ Moureaux Law يجرّم التحريض على الكراهية أو العنف ضد شخص أو مجموعة بسبب العرق أو الأصل أو الدين، ويعاقب كل من ينشر أو يوزع أو يذيع مواد عنصرية.

وهذا ينطبق على فروع مكاتب ايرا بهذه الدول .

ألمانيا: قانون العقوبات الألماني (StGB – §130) يجرّم "إثارة الكراهية" و"الدعوة إلى العنف أو التمييز ضد جماعة قومية أو دينية"، ويعدها من الجرائم الخطيرة ضد السلم الاجتماعي.

إذن فمكاتب إيرا أو حلفائها في أوروبا ليست محمية بحرية الجمعيات، بل ينطبق عليها قانون الحل والملاحقة.

ثالثًا: الولايات المتحدة الأمريكية

رغم أن التعديل الأول يحمي حرية التعبير، إلا أن المحكمة العليا وضعت حدودًا واضحة:

في قضية Brandenburg v. Ohio (1969): لا حماية لخطاب "يهدف إلى التحريض على عمل غير قانوني وشيك" وكان من المرجح أن يؤدي إليه.

في قضية Chaplinsky v. New Hampshire (1942): الخطاب الذي يتضمن "كلمات قتالية" أو يثير خرق السلام ليس محميًا.

وعليه فإن أي خطاب أو نشاط منظم لـ "إيرا" وحركة افلام  في الولايات المتحدة يدخل ضمن التحريض العلني على العنف يمكن أن يُصنف كجريمة فيدرالية.

رابعًا: كندا

القانون الجنائي الكندي صارم في هذا الباب:

المادة 318: تجرّم "الدعوة إلى الإبادة الجماعية" وتعاقب بالسجن حتى خمس سنوات.

المادة 319(1): تجرّم "التحريض العلني على الكراهية" إذا كان مرجحًا أن يؤدي إلى اضطراب عام.

المادة 319(2): تجرّم "الترويج المتعمد للكراهية ضد جماعة معينة".

كما أن القضاء الكندي حلّ بالفعل منظمات مشابهة بدعوى خطاب الكراهية، ما يجعل إيرا وافلام وأشباهها في كندا تحت طائلة الحل والملاحقة.

خامسًا: القانون الدولي

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (العهد الأممي الذي صادقت عليه موريتانيا ومعظم دول العالم) ينص في المادة 20:

1. "تحظر بالقانون كل دعاية للحرب."

2. "تحظر بالقانون أي دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضًا على التمييز أو العداوة أو العنف."

إذن فخطاب برامه ومنظمته لا يُعد نشاطًا مشروعًا تحت ستار حقوق الإنسان، بل هو تحريض صريح مجرّم دوليًا.

مسؤولية الدولة والتحرك العاجل

كل هذه المرجعيات تؤكد أن ما يفعله برامه ومنظمته "إيرا" وحركة افلام ،  ليس نشاطًا حقوقيًا، بل جريمة مكتملة الأركان.

وعليه

فعلى الدولة الموريتانية التحرك لحماية السلم الأهلي، وسحب ترخيص "إيرا".

وإحالة برامه وقياداته من شياطين الفتنة من حركتي ايرا وافلام  إلى القضاء الوطني بموجب القانون 2017-023.

وملاحقة نشاطاته المشبوهة أمام القضاء الأوروبي (فرنسا، بلجيكا، ألمانيا)، وفي امريكا ، وكندا.

ورفع الملف إلى الهيئات الأممية المختصة بموجب المادة 20 من العهد الدولي.

ويمكن تكييف جرائم برامه ومن شاكله كجرائم أمن قومي وطني تستحق عقوبة أشد ، لأنها جرائم تستهدف قيم الجمهورية ووحدة أراضي البلد ووحدته الوطنية.

وقد تصل العقوبة هنا للمؤبد.

برامه مجرد شيطان عابر إلى لعنات التاريخ، أما الدولة الوطنية الموريتانية فباقية، والقانون هو الحسام الذي يقطع دابر الفتنة.

بقلم : عبد الله ولد بونا