قصة مؤلمة لعذاب أسرةِ مراهقٍ تركه أبوه في بطن أمه واختفى

أربعينية صحبة شاب لم يتجاوز الخمسة عشر سنة يدخلان علي المكتب فجأة،تضع المرأة طرف ملحفتها على ووجها وتبكي بحشرجة تدمي القلب،وتقول أعذرني السيد العمدة:هذا أبني وقد بلغ هذه السنة خمسة عشر سنة ويصر على إجراء مسابقة المدرسة المهنية بنواكشوط،لكن ليس لديه سوى شهادة ميلاد قديمة لم تعد لها قيمة ،وشهادة الميلاد الجديدة،طبقا لقانون الحالة المدنية،تتطلب إحصاءا على أساس الوثائق المدنية للأب والأم،الأمر الذي عجزنا عن الحصول عليه،حيث أن الأب غادرنا وهاجر إلى إفريقيا قبل ميلاد الابن بشهر ولم يتصل بنا حتى هذه اللحظة،رغم أننا نجد من الأخبار والروايات التي تؤكد أنه لا زال حيا.

أمام هذه الوضعية -تضيف السيدة- أحاول منع أبني من الذهاب للقاضي لاستصدار حكم بوفاة والده ليتمكن من الحصول على الإحصاء الذي هو المدخل الوحيد لحيازة مختلف وثائق الحالة المدنية،وهنا صرخت بقوة مربكة :أنقذنا من هذه الوضعية.

كانت هذه الحادثة في سنة 2009 بعد أنتقال كامل صلاحيات الحالة المدنية من العمد للوكالة الوطنية للسجل السكاني والوثائق المؤمنة،لذلك وجدت نفسي في وضع لا أحسد عليه،فلا أملك صلاحية للتصرف في مثل هذه الحالات والمرأة تصر على إيجاد مخرج يحول بين أبنها وأستصدار شهادة وفاة لأبيه من المحكمة ليحصل تبعا لذلك على إعلان ميلاد ليتمكن من إيداع ملفه لدى المدرسة ليجري المسابقة.

بعد تفكير ،وحرصا للخروج من المأزق قمت بتحرير إفادة مؤقتة أشهد فيها أن الإبن يحمل شهادة ميلاد قديمة وأنه لا يستطيع الحصول وثائقه المدنية بسبب غياب الأب المهاجر ،وألتمس من المدرسة قبول ترشح الإبن بأنتظار حصوله على وثائقه المدنية الرسمية.

بعد أيام عادت إلي المرأة ضاحكة مستبشرة  وشاكرة لتقول لي إن إدارة المدرسة مشكورة قبلت ترشح أبنها على أساس الإفادة المؤقتة التي حررت لصالحه،وأنها الآن تبذل جهود حثيثة مع أقارب زوجها السابق عسى أن يتمكنوا من إقناعه باتخاذ ما يلزم لإحصاء أبنه.

سردت هذه القصة الواقعية لأتساءل على ضوئها وعلى ضوء قصة الشابة الأمريكية التي قرأنا مناشدتها بالبحث عن أبيها البيولوجي، كم من نساء في موريتانيا يعانين بصمت ،تفرضه التقاليد البائدة، من مثل هذه الوضعيات  الكارثية جراء لا مسؤولية بعض ذكور موريتانيا الذين يتحللون من واجباتهم الدينية والاجتماعية أتجاه أبنائهم لحظة طلاق أمهاتهم،مما يتسبب في مآسي نفسية وأجتماعية،الله وحده من يعرف حجمها وتأثيراتها.

 

المدون/ محمد سالم بمب