حبيب الله ولد أحمد يجلد كبار موظفي الدولة ويكشف معادنهم الرديئة

منظر مؤلم 
وزير أو موظف سام يذهب إلى ولايات الداخل لمواكبة زيارات الرئيس 
يمر بقرية اهله مسقط رأسه 
قرية كأنها قبر جماعي تحيط بها الكثبان ويخنقها صمت رمال لانهاية لها 
قرية لا أفق بها 
لا طريق منها
ولا طريق إليها 
رجالها خرجوا يضربون فى الأرض بحثا عن لقمة " عيش" أو " كسكس"
شبابها يتسكع فى مدن بعيدة يسلمه اليأس للإحباط فتحتضنه البطالة ويعانقه اليأس 
يمر الوزير أو الموظف مسرعا فى سيارته " عشارية" الدفع الفاخرة المكيفة والتى ملأها بكل ما لذ وطاب من اغذية ومشروبات 
كأن عقدة تاريخية أو جغرافية تستحثه ليتجاوز قريته.

 
ما الذى يفعله برؤية أطفال عرايا ببطون فارغة وارجل كسيحة 
ما الذى سيربح إذا رأى مسنين احنت سنوات الضياع ظهورهم يسيرون بتثاقل نحو النهاية 
أية فائدة سيجنيها من التوقف لنساء قهرهن فقر الدم وسوء التغذية وسوء" التهوية"
هل يعقل أن يدخل بيوتا طينية بلا اثاث يتقاسمها الأطفال والنساء والعجزة مع الفئران والقطط والعقارب والعناكب والجوع 
كيف سيجلس واين سيجلس وكل ركن به غبار وقذارة 
لا أثاث لا تأثيث لا تهوية 
هل يعقل أن يتوقف هنا حيث الصحراء تراود الموت والبؤس عن نفسيهما وقد احكما المخالب على سكانها 
هنا لا يمكنه الجلوس فالهواء المنعش المرطب فى سيارته ومنزله ومكتبه بالعاصمة ليس هنا و" إيريفى" جحيم لا قبل لأهل" لبرود" به
من يضمن أنه سيجد شيئا اي شيئ يجلس عليه وهو " القاعد" على شيئ و" المتلثم" على اشياء هناك فى العاصمة 
هل هو فى وارد النزول من السيارة لتفقد أحوال سكان قريته وهم اهله وربعه اخواله وخالاته اعمامه وعماته إخوته وافاربه 
هل من المنطقي أن ينزل ليعاين ذكرياته البائسة 
فهنا كان عاريا 
وهنا تحت هذه الشجرة خضع ل" الختان" وهنا خلف الكثبان كان يخلو بنفسه لبعض شأنه حيث لاماء ولا صابون 
وهنا كان يركض برأس نصف محلوق وكرش" مبوطه"
تاريخهم وعقدته 
لا يمكنه النزول 
هنا لا كهرباء لشحن الهاتف بل لاوجود للهاتف اصلا 
هنا قطعة من الموت والماضى والانحسار تحتفظ بها الدنيا للذكرى 
هو هنا غريب اليد الناعمة والصوت النغوم واللسان " السبتة"
كأنهم ليسوا أهله
كأنه لم يسقط هنا تحت شجرة فى يوم عبوس قمطرير لتقطع سرته ب" موس" به صدأ من طرف " كباظة" تفهم فى كل شيئ سوى التوليد الأمن 
يمر بالقرية حتى دون أن يلوح بيده حتى دون إنزال زجاج أبواب السيارة 
إنه هارب من الماضى من الفقر من الفاقة 
إنه لايريد " سلكا" من " إيريفى" يقتحم سيارته 
لا يريد ذبابة تزعجه ولا منظرا يؤلمه ويعود به لماضيه الأغبر 
يمر مرور اللئام وكأنه قادم من كوكب آخر يمارس السياحة عبر الزمن 
كأنها قرية ظالم أهلها 
وكأنه لا يريد ل" نعيمه" الشخصي أن يخالط " الجحيم" الجماعي  لمعاناة اهله وبنى جلدته.

من صفحة المدون المشهور/ حبيب الله ولد أحمد