عند غروب شمس المأمورية سينهار وهم السيطرة

في المشهد السياسي الراهن، لم يعد خطاب الترهيب مجرد أسلوب عابر، بل تحول إلى عقيدة حكم مرتجف يتكئ عليها الرئيس الرمز ولد الغزواني ووزير داخليته في التعامل مع كل منافس محتمل. 

وممارسات التشهير والابتزاز والتنكيل، لم تبدأ اليوم، بل هو مساراً يتكرر مع كل من يُنظر إليه كخطر على مشروع التوريث السياسي الذي يُتهم بعض أقطاب السلطة بالسعي إلى هندسته في الغرف المظلمة.

وللمفارقة العجيبة، فإن الأسلوب ذاته الذي اتبعوه مع الرئيس السابق ولي نعمتهم بالأمس يتهيؤون، لتطبيقه مع شخصيات سامية وجنرالات سابقين أشرفوا على مرافق أمنية حساسة وكأن التاريخ يعيد نفسه، ولكن هذه المرّة على نحو أكثر اضطرابا لأن العطب لم يعد في الأشخاص بل في بنية الحكم الهشّة التي تظن أن القوة تهب الشرعية، وأن الترهيب يمنح الاستقرار.

ويبدو أن الوزير، في تماه كامل مع شيخه أو رئيسه، يعتقد أن التحالف مع حزب تواصل وملحقاته ومع داعميه الإقليميين (دولة قطر) والبقايا من كهول وشيوخ الكادحين أطال الله أعمارنا وأعمارهم في طاعته يكفي لتثبيت قبضتهم على المشهد. 

غير أن هذا الوهم يتجاهل حقيقة أن التحالفات الهشة لا تبني سلطة مستقرة بل تزيدها قابلية للاهتزاز عند أول حركة ارتدادية.

أما نقطة الضعف الأخطر، فهي ما يُتداول من اتهامات تطال الرئيس ووزير داخليته ومحيطهما العائلي والمقربين خصوصا في ما يتعلق بانتقائية الملفات وازدواجية المعايير. فحين يُفتح ملف على خصم، يُغلق آخر على صاحب نفوذ، وحين يُشهّر بشخص، تُطمس آثار آخر، في لعبة تبدو قصيرة النفس مهما بدا أصحابها واثقين.

الرئيس السابق وفق تصريحاته يتهم الرئيس الحالي بأنه مصدر الأموال التي يُحاكم بشأنها. 

أما المدير السابق للأمن الجنرال المحبوب مسغارو الذي يعتبر استهدافه جزء من صراع النفوذ، فهناك من يعتقد أنه يملك من الأوراق ما يكفي لخلط حسابات من يسعون إلى توريطه. 

وكذالك الوزير ولد مرزوق فهو لايقل خطورة عن الجنرال وهكذا يتحول الصراع من معركة نفوذ إلى معركة فضائح ومن إدارة دولة إلى إدارة ملفات تهديد متبادلة.

ولعل أكثر ما يُقلق رأس النظام ووزير داخليته ما يُتداول حول ملفات حساسه تتعلق بالمحروقات، والذهب، والصيد، والسفن التركية والبنوك، وصفقات النظافة، وبرامج المساعدات، وملفات الأمن الغذائي، والإكتتابات التي يتهمها البعض بمخالفة تكافؤ الفرص. 

فهذه الملفات، التي تُرى كألغام سياسية، لا يمكن دفنها دائما تحت رمال السلطة، لأنها ببساطة تعود للسطح كلما ضعفت قبضة الحكم.

ومع اقتراب غروب شمس المأمورية الأخيرة، ستتكشف الحقيقة التي يحاول البعض إنكارها:

ليس كل تحالف قوة، وليس كل ترهيب سيطرة، وليس كل صمت رضوخا

وسيكتشف الرئيس ووزير داخليته، ومعهما حزب تواصل وملحقاته، أنّ الرهان على الوهم لا يُنقذ سلطة ولا يحمي نظاما، بل سيسرع لحظة السقوط .

وما ذلك على الله بعزيز

من صفحة الذهبي ولد الزين

Dhehby Ezeine