محمدن الزايد ولد ألُمّا في ذمة الله
مغانٍ بذاتِ الطبل لاغبّها الحَيَا :: ولا غبَّ كُتْباً فى قماطرها تُقرا
أولئك قومٌ ليس يَشقى جليسهم :: ولا يَظمأ الوُرَّادُ ماءَهم النَّمرا
وعاشوا قرونا علمهم ونداهمُ :: إذا ما هلالٌ لاحَ منهم بدَا بدرا
الحمد لله الذي يرفع بكتابه من شاء من عباده، ويجعل من العلماء مصابيح هدى، يضيئون للناس طريق الحق، ويرحلون وقد أبقوا في الأرض نوراً لا ينطفئ.
بقلوب يعتصرها الأسى، وعيونٍ يثقلها الحزن، نودع اليوم أحد رجالات العلم والورع، العلامة الزاهد محمدن الزايد ولد محمد سالم ولد ألما؛ سليل بيت العلم، وامتداد السلسلة المباركة التي حملت ميراث القرآن والفقه والتربية منذ قرون، يقول العلامة الشيخ محمد بن اشفغَ الأبهمي الديماني في شيخه لمرابط محمد سالم ولد ألما رحم الله الجميع :
في النحو والفقهِ شيخي لامثيلَ لهُ :: وكلُّ قَرْمٍ إلى إقرائِهِ قَرِمُ
إذا أتتْ (طُرَّةُ المختار) يقرئها :: حتى يرى الحاضرون النار تضطرم
"وإن أتاهُ (خَليلٌ) يَومَ مَسْأَلَةٍ :: يَقولُ لا غائبٌ مالي و لا حَرِمُ "
أنا الذي قال هذا البيتَ لا ابن أبي :: سُلمَى ، وشيخي به الْمَعْنِيُّ لا هَرِمُ
كان محمدن الزايد رحمه الله، رجلاً إذا ذُكِرَ تُقاهُ خجلت الأقوال، وإذا حضر مجلساً خشعت القلوب. لم يكن العلم عنده زينة ولا مكانة، بل عبوديةً ورحمةً وتواضعاً، يفتح بابه للراغبين، ويصغي للمتعلمين، ويهديهم بنظراته قبل كلماته.
عرفه الناس ثابتاً على سمت السلف: وقارٌ في المشي، ورحابةُ صدرٍ، وطيبُ معشرٍ، ومحبةٌ للخير لا تنقطع، ساكناً في الدنيا، مشغولاً بالآخرة؛ لا تستهويه زخارف الحياة، ولا تغريه المناصب، وكما قال الشيخ العلامة أحمد بَمْبَ ولد ماهِي اليدالي في والده لمرابط محمد سالم ولد ألما رحم الله الجميع:
مٌرابطٌ مدَّت الدنيا إليه يدًا :: فلم يمدَّ إلى ذاك الحطام يَدَا
لقد رحل الشيخ محمدن الزايد، لكن أثره باقٍ في صدور تلاميذه، وفي الأسانيد التي نقلها، وفي الأخلاق التي غرَسها، وفي سيرته التي ستظلّ مرجعاً للباحثين عن معنى الزهد والسكينة والالتزام.
لسان حالنا في تأبينه وهو قول العلامة لمرابط محمد سالم ولد عدود في والده لمرابط محمد سالم ولد ألما رحم الله الجميع :
أكسبَ الرزءُ ذا البلاغة عِيّا :: أفحم اللوذعيَ والألمعيا
أنا من نعي شيخنا ابن ألما :: لم أزل أحسِب الغناء نعيا
لم أعد أستطيع أن أقرِض الشعــ ـرَ وقد كنت بالقريض مليا
ماعسى أن أقول فى شيخ صدق :: أوتي الحكم والكتاب صبيا
زاهدا عابدا صؤوما قؤوما :: هينا لينا كريما سخيا
نحن أدرى به فكان على ذلك صُلبَ القناة جلدا قويا
ظاهر البشر طاهر الصدر ثبت الجَنان شهما ذكيا
ماخلا من وصفٍ به يُحمد الناس بلى لم يكن رسولا نبيا
أو قول العلامة الزاهد الشيخ محنضْ بَابَ ولد امَّيْنْ حفظه الله، في رثاء والده لمرابط محمد سالم ولد ألما:
كُؤوسُ الحادثاتِ بنا تَدورُ :: وَدُنْيانا وإن وَصَلَتْ غَدور
نُسَرُّ بأن يَشِيدَ الدَّهْرُ دارا :: وقد خَرِبَتْ بِجَنْبِ الدّار دور
ونُعجب بالقُصور وقد رأينا :: قُصارى ماتَصيرُ له القصور
وليس لمن يرى في كلِّ يوم :: سَرير أَخٍ يُسار به سُرور
نرى في كل يومٍ أَمرا إِمرا :: يُزلزِل لو تُزلزلنا الأُمور
ولم يَكُ في بَصائرنا قُصورٌ :: فَنُعذَر كالذين بهم قُصور
وإنَّ من العَجيب غرورَ مرءٍ :: أريبٍ لا يَلِيقُ به الغُرور
شهدت شهادة لا زور فيها :: متى ما في الشهادة كان زور
لقد زار الرموس اليوم نعش :: يبذ نعوشها اللآئي تزور
يميس ببدر تِمٍ أو بيَمٍ :: وَنت عنه الزواخر والبدور
نفوذ في أمور الخير ماض :: هروب من مغايرها نفور
جسور العزم لا يثنيه سور :: تحاوله -فيعجزها- النسور
غفور إذا رأى العوار راء :: صفوح إن أساء أخ غفور
ذكور للإله له شكور :: مناوي للهجود له هجور
سراج هدى به جاد عصر :: تولى لن تجود به العصور
سقى تلك المقابر مكفهر :: همول في جوانبها همور
وقول العلامة المؤرخ المختار ولد حامدٌ في لمرابط محمد سالم ولد ألما رحم الله الجميع:
حنوا علينا فسلّونا وعَزّونا :: إن كان فيكم خَليٌ ليس مَحزونا
ولا أظنُ خليًا منكم أحدًا :: ولا أراهُ بهذا القُطرِ مظنونا
ولّى الذي كان مَمنونًا عليه به :: وكان مِمّنْ لصرح الدين يبنونا
يا ثلمةَ الدين يا لهفَى ويا أسفَى :: لكننا لقضاءِ الله لَيْنُونَا
فصابرونَ و إن جلّت مصيبتُنا :: راجُونَ بالصبر أجرًا ليس ممنونا
في رحمةِ الله في رَوضاتِ جنتِه :: فلْيَثوِ حيثُ ثوَى قومٌ سعِيدُونا
نسأل الله العلي العظيم أن يجعل علمه له نوراً، وأن يرفع درجته في عليين، وأن يجزيه عن الأمة خير الجزاء، وأن يلهم ذويه وتلامذته ومحبيه الصبر والاحتساب.
تعازينا لدوحة العلم آل ألما ولليداليين ولجميع المسلمين
كامل الأسى
من صفحة الأستاذ/ Sidi Mohamed
المعروف ب: Xy


