المسؤول الموريتاني يعتقد أن كل انتقاد لظاهرة أو فساد يُعدّ انتقادا شخصيا له

يقول الشيخ البليغ "محمد ولد سيدي يحيى" : آن ما اسميت حد بعينه ألّا حدّنِ اطرحت المارة وابنيت الشّرْكة واللي گريعو طاح فيها ألّا معنان فيه إن..

يبدو أن "شَرْكَتِنَا" الوطنية هذه الأيام أصبحت تعاني من أزمة "أقدام" متساقطة، حتى صار المسؤول عندنا يتحسس من مقالٍ بسيط، كما يتحسس مريض الحساسية من غبار "الگبله"! 

المسؤول الموريتاني يظن أن كل نقدٍ لظاهرةٍ عامة هو "استدعاءٌ قضائي" موجه لشخصه المصون!

غريبٌ منطقُ هؤلاء!، إن أثنيتَ على خيرٍ رأيته لتشجيعه، رجموك بتهمة "التصفيق"، وإن أشرتَ إلى خَللٍ لإصلاحه، قيدوك في سجل "المعارضة"، وكأن الحق في هذا الوطن ضاع بين مطرقة النفاق وسندان العناد. 

المواطن في نظرهم كائنٌ لا خيار ثالث له: إما "مصفقٌ" محترف يرى في الحفرة مسبحاً أولمبياً، وإما "معارضٌ" مارق يرى في الشمس بقعة زيت.

حين أثنينا على فعلٍ جميل قصد التشجيع، قالوا: "هذا مصفقٌ يرجو نوالاً"، وحين نقدنا ظاهرةً عرجاء قصد الإصلاح، قالوا: "هذا معارضٌ يبغي فتنةً".

إن هذا الغباء الذي يحصر حب الوطن في "بطاقة انتماء" هو الذي أوردنا موارد الهلاك.

الوطن ليس "حزباً" يسعنا أو يطردنا، الوطن حقيقة نعيشها، والفساد "رائحة" نزكم بها، فكيف نلام على صرخة استنكار؟

الخلطة، أنا وأعوذ بالله من "أنا" التي ترعبُ أصحاب الذمم المطاطية، لم أذكر إسمًا ولم انبش في الأرقام الوظيفية ولم انشر صورة فوتوغرافية لأحد، فقط انتقدتُ "الخراب"، فمن تحسسَ رأسه فليعلم أن "القبعة" مقاسه تماماً!

أنا انتقدتُ "ظاهرة"، والظاهرة مثل "الريح" تمر بالجميع، لكن لا ينزعج منها إلا من بنى بيته من ورق.

أن يتحسس مسؤولٌ ما من نقدِ ظاهرةٍ عامة، فهذا اعترافٌ ضِمني منه لا يحتاج إلى "محضر شرطة الجرائم الاقتصادية”

إنه يقول بلسان حاله: "أنا هو المعني، وصورة الفساد التي رسمتها هي ملامحي في المرآة"، فشكراً لك أيها المسؤول على هذا الاعتراف التلقائي، فقد وفرت عليّ عناء البحث عن الجاني!

نعم، لستُ معارضاً، لكنني لن أكون "شاهد زور" يُباركُ نهب الأحلام.، قلمي ليس "رصاصة"، بل هو "كشاف ضوئي"، فإذا كان الضوء يزعج عيونكم، فالخلل في عيونكم التي اعتادت الظلام، لا في الكشاف الذي أضاء العيوب.

قلمي سيظل "بريئاً" كما بدأ، لكن براءته ليست "سذاجة"، بل هي براءة الذئب من دم ابن يعقوب، وبراءة الحق من تهمة الباطل، ومن وجد أن القبعة مقاسه، فعليه أن يضعها فوق رأسه، و "الشَّركَة” لا تظلم أحداً!

أصلحوا "واقعكم"، وسينحني قلمي تلقائياً لمدحكم..، أما الآن، فليتحمل كل ذي "قدم" بَرْدَ الحقيقة!.

د/ محمد الأمين آجه