المال، الشعوذة، التحقيقات: وقفة مع تدوينات الاعلامي الهيبة الشيخ سيداتي المؤجلة،

في ظل الجدل المتصاعد على وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأيام الأخيرة، وجدت من الواجب التوقف عند التدوينة الأخيرة للإعلامي الهيبة الشيخ سيداتي، لما أثارته من قضايا جوهرية تتعلق بواقع العدالة، وشفافية المال، ومصداقية التحقيقات في البلد.

فى الحقيقة،لم تكن تلك التدوينة مجرد رأي عابر، بل طرحت بوضوح أسئلة مؤلمة حول مصدر بعض الثروات الطائلة، وشرعية أنشطة يُفترض أن يطالها القانون.

وأخص هنا الإشارة الصريحة إلى ما يُعرف محليًا بـ”لحجاب”، الذي أصبح مصدر تباهٍ علني، رغم أن القانون الجنائي، في مادته 245، يُصنفه ضمن جرائم النصب والشعوذة، ويعاقب عليه كما نصت المادة 376.

لكن المقلق في الموضوع ليس فقط حجم الأموال أو طريقة التربح، بل الأخطر هو سكوت الجهات المعنية، وتطبيع هذا النمط من الخطاب في الفضاء العام، حتى بات البعض يراكم النفوذ من بوابة الممنوع والمحظور، دون أي محاسبة أو رقابة.

وقد أحسن الإعلامي الهيبة حين ربط هذا الملف بسلسلة من القضايا التي لا تزال عالقة: من الحبوب المهلوسة إلى العملات المزورة، ومن التحويلات المشبوهة إلى إدخال زي عسكري عبر معبر رسمي، ثم إغلاق التحقيق “ضد مجهول”. هذه الوقائع مجتمعة تكشف حجم الهشاشة المؤسسية حين يتعلق الأمر بإرادة مساءلة حقيقية، وتعيد طرح سؤال قديم متجدد: لماذا تُدفن الحقائق كلما اقتربنا منها؟

إن خطورة ما نواجهه اليوم تتجاوز الشعوذة أو غسيل الأموال، إلى واقع أصبح فيه الإفلات من العقاب أقرب إلى قاعدة، وصمت الدولة علامة استفهام أكبر من الجُرم ذاته.

والأسوأ من ذلك كله هو أن كل من يطرح هذه الأسئلة يواجه أحيانًا بالتحريض بدل الشفافية، وكأننا نعيش في بلد لا يُراد فيه للسؤال أن يُطرح أصلًا.

وبصفتي كناشط حقوقي ، متابع لكافة هذه القضايا وغيرها ، أؤكد أن هذه الملاحظات مشروعة ولا تستهدف أشخاصًا، بل تحاول إيقاظ منظومة تحتاج إلى تصويب.

وقد آن الأوان لوقف نزيف هذا الصمت الرسمي ، واستعادة هيبة القانون، وضمان أن لا يكون النفوذ حصانة لمن يخرق النصوص.

وقبل أن أختم،أؤكد أنني أدعم كل من يكتب بشجاعة دفاعًا عن المصلحة العامة، وأعتبر أن الصمت عن مثل هذه القضايا يعتبرخيانة لأمانة المسؤولية.

فليس في الأمر تشهير، بل بحث عن حقيقة تأخرت كثيرًا، وثقة ينبغي أن تعود لمواطن ينتظر من دولته عدلًا لا استعراضًا.

بقلم: محمد محمود سيدى بوي رئيس المرصد الموريتاني للعدالة والمساواة.